الوفاء بالنذور للرب

احْرِصْ أَنْ تَكُونَ قَدَمُكَ طَاهِرَةً عِنْدَمَا تَذْهَبُ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ، فَإِنَّ الدُّنُوَّ لِلاسْتِمَاعِ خَيْرٌ مِنْ تَقْرِيبِ ذَبِيحَةِ الْجُهَّالِ الَّذِينَ لَا يُدْرِكُونَ أَنَّهُمْ يَرْتَكِبُونَ شَراً. لَا تَتَسَرَّعْ فِي أَقْوَالِ فَمِكَ، وَلا يَتَهَوَّرْ قَلْبُكَ فِي نُطْقِ كَلامِ لَغْوٍ أَمَامَ اللهِ، فَاللهُ فِي السَّمَاءِ وَأَنْتَ عَلَى الأَرْضِ، فَلْتَكُنْ كَلِمَاتُكَ قَلِيلَةً. فَكَمَا تُرَاوِدُ الأَحْلامُ النَّائِمَ مِنْ كَثْرَةِ الْعَنَاءِ، كَذَلِكَ أَقْوَالُ الْجَهْلِ تَصْدُرُ عَنِ الإِفْرَاطِ فِي الْكَلامِ. عِنْدَمَا تَنْذِرُ نَذْراً لِلهِ لَا تُمَاطِلْ فِي الْوَفَاءِ بِهِ، لأَنَّهُ لَا يَرْضَى عَنِ الْجُهَّالِ، لِذَلِكَ أَوْفِ نُذُورَكَ، لأَنَّهُ خَيْرٌ أَنْ لَا تَنْذِرَ مِنْ أَنْ تَنْذِرَ وَلا تَفِيَ. لَا تَدَعْ فَمَكَ يَجْعَلُ جَسَدَكَ يُخْطِئُ، وَلا تَقُلْ فِي حَضْرَةِ الْمُرْسَلِ مِنَ اللهِ إِنَّهُ سَهْوٌ، إِذْ لِمَاذَا يَغْضَبُ اللهُ عَلَى كَلامِكَ فَيُبِيدَ كُلَّ عَمَلِ يَدَيْكَ؟ لأَنَّ فِي كَثْرَةِ الأَحْلامِ أَبَاطِيلَ، وَكَذَلِكَ فِي اللَّغْوِ الْمُفْرِطِ؛ فَاتَّقِ اللهَ.

الغنى الباطل

إِنْ شَهِدْتَ فِي الْبِلادِ الْفَقِيرَ مَظْلُوماً، وَالْحَقَّ وَالْعَدْلَ مَزْهُوقَيْنِ فَلا تَعْجَبْ مِنَ الأَمْرِ، فَإِنَّ فَوْقَ الْمَسْؤولِ الْكَبِيرِ مَسْؤُولاً أَعْلَى مِنْهُ رُتْبَةً يُرَاقِبُهُ وَفَوْقَهُمَا مَنْ هُوَ أَعْظَمُ مَقَاماً مِنْهُمَا. وَغَلَّةُ الأَرْضِ يَسْتَفِيدُ مِنْهَا الْكُلُّ، وَالأَرْضُ الْمَفْلُوحَةُ ذَاتُ جَدْوَى لِلْمَلِكِ. 10 مَنْ يُحِبُّ الْفِضَّةَ لَا يَشْبَعُ مِنْهَا، والمُوْلَعُ بِالْغِنَى لَا يَشْبَعُ مِنْ رِبْحٍ. وَهَذَا أَيْضاً بَاطِلٌ. 11 إِنْ كَثُرَتِ الْخَيْرَاتُ كَثُرَ آكِلُوهَا أَيْضاً، وَأَيُّ جَدْوَى لِمَالِكِهَا إِلّا أَنْ تَكْتَحِلَ عَيْنَاهُ بِرُؤْيَتِهَا. 12 نَوْمُ الْعَامِلِ هَنِيءٌ سَوَاءٌ أَكْثَرَ مِنَ الطَّعَامِ أَمْ أَقَلَّ، أَمَّا الْغَنِيُّ فَوَفْرَةُ غِنَاهُ تَجْعَلُهُ قَلِقاً أَرِقاً!

13 قَدْ رَأَيْتُ شَرّاً مَقِيتاً تَحْتَ الشَّمْسِ: ثَرْوَةٌ مُدَّخَرَةٌ لِغَيْرِ صَاحِبِهَا. 14 أَوْ ثَرْوَةٌ تَلِفَتْ فِي مَشْرُوعٍ خَاسِرٍ، وَلَمْ يُبْقِ (صَاحِبُهَا) لابْنِهِ الَّذِي أَنْجَبَهُ شَيْئاً. 15 عُرْيَاناً يَخْرُجُ الْمَرْءُ مِنْ رَحِمِ أُمِّهِ، وَعُرْيَاناً يُفَارِقُ الدُّنْيَا كَمَا جَاءَ. لَا يَأْخُذُ شَيْئاً مِنْ تَعَبِهِ يَحْمِلُهُ مَعَهُ فِيِ يَدِهِ. 16 وَهَذَا أَيْضاً شَرٌّ أَلِيمٌ، إِذْ إِنَّهُ يُفَارِقُ الدُّنْيَا كَمَا جَاءَ فَأَيُّ مَنْفَعَةٍ لَهُ، إِذْ إِنَّ تَعَبَهُ يَذْهَبُ أَدْرَاجَ الرِّيَاحِ؟ 17 وَيُنْفِقُ أَيْضاً كُلَّ حَيَاتِهِ فِي الظُّلُمَاتِ يُقَاسِي مِنَ الأَسَى وَالْغَمِّ وَالْمَرَضِ وَالسُّخْطِ.

18 فَتَأَمَّلْ مَا وَجَدْتُ: مِنَ الأَفْضَلِ وَالأَلْيَقِ أَنْ يَأْكُلَ الإِنْسَانُ وَيَشْرَبَ وَيَسْتَمْتِعَ بِمَا تَكَبَّدَهُ مِنْ عَنَاءٍ تَحْتَ الشَّمْسِ طَوَالَ أَيَّامِ حَيَاتِهِ الْقَلِيلَةِ الَّتِي وَهَبَهَا اللهُ لَهُ، لأَنَّ هَذَا هُوَ حَظُّهُ. 19 وَكُلُّ إِنْسَانٍ حَبَاهُ اللهُ بِالثَّرْوَةِ، جَعَلَهُ يَسْتَمْتِعُ بِها، وَيَتَنَعَّمُ بِنَصِيبِهِ مِنْهَا لِيَفْرَحَ بِتَعَبِهِ. فَهَذَا أَيْضاً عَطِيَّةُ اللهِ لَهُ. 20 عِنْدَئِذٍ لَا يُكْثِرُ مِنْ ذِكْرِ أَيَّامِ حَيَاتِهِ الْبَاطِلَةِ لأَنَّ اللهَ يُلْهِيهِ بِفَرَحِ قَلْبِهِ.