Add parallel Print Page Options

بَنْهَدَدُ وَأخآبُ يَتَحَارَبَان

20 حَشَدَ بَنْهَدَدُ، مَلِكُ أرَامَ جَيْشَهُ. وَتَحَالَفَ مَعَ اثنَيْنِ وَثَلَاثِينَ مَلِكًا مَعَ جُيُوشِهِمْ وَخُيُولِهِمْ وَمَرْكَبَاتِهِمْ. وَحَاصَرُوا السَّامِرَةَ ثُمَّ هَاجَمُوهَا. وَأرْسَلَ المَلِكُ بَنْهَدَدُ رُسُلًا إلَى المَدِينَةِ إلَى أخآبَ مَلِكِ إسْرَائِيلَ. فَحَمَلُوا رِسَالَةً مِنَ المَلِكِ تَقُولُ: «أُرِيدُ فِضَّتَكَ وَذَهَبَكَ وَزَوْجَاتِكَ وَأبْنَاءَكَ.»

فَأجَابَ مَلِكُ إسْرَائِيلَ: «يَا مَوْلَايَ المَلِكُ، أنَا وَكُلُّ مَا أمْلِكُهُ تَحْتَ أمْرِكَ.»

فَرَجِعَ الرُّسُلُ وَأبْلَغُوا بَنْهَدَدَ بِجَوَابِ أخآبَ. فَأرْسَلَ رُسُلَهُ مَرَّةً أُخْرَى إلَى أخآبَ يَقُولُونَ: «سَبَقَ أنْ قُلْتُ لَكَ إنِّي أُرِيدُ أفْضَلَ مَا لَدَيكَ مِنْ فِضَّةٍ وَذَهَبٍ وَزَوْجَاتٍ وَأبْنَاءٍ. سَأُرْسِلُ رِجَالِي فِي مِثْلِ هَذَا الوَقْتِ مِنْ يَوْمِ غَدٍ لِكَي يُفَتِّشُوا بَيْتَكَ وَبُيُوتَ كِبَارِ مَسؤُولِيكَ. وَسَيَأْخُذُونَ كُلَّ مَا هُوَ ثَمِينٌ عِنْدَكَ، وَيُحضِرُونَهُ إلَيَّ.»

فَدَعَا أخآبُ جَمِيعَ شُيُوخِ إسْرَائِيلَ لِلِاجْتِمَاعِ بِهِ. وَقَالَ لَهُمْ: «انْظُرُوا، إنَّ بَنْهَدَدَ يَنْوِي فِعلَ الشَّرِّ. فَقَدْ طَلَبَ مِنِّي أوَّلًا أنْ أُعْطِيَهُ نِسَائِي وَأبنَائِي، وَفِضَّتِي، وَذَهَبِي. فَقَبِلْتُ.»

فَقَالَ لَهُ الشُّيُوخُ وَكُلُّ الشَّعْبِ: «لَا تُذْعِنْ لَهُ، وَلَا تَقْبَلْ مَا يَطْلُبُهُ مِنْكَ.»

فَأرْسَلَ أخآبُ رِسَالَةً إلَى بَنْهَدَدَ قَالَ فِيهَا: «سَأفْعَلُ مَا طَلَبْتَهُ مِنِّي فِي البِدَايَةِ، لَكِنِّي لَا أقبَلُ طَلَبَكَ الثَّانِي.»

فَأرْسَلَ بَنْهَدَدُ رِسَالَةً إلَى مَلِكِهِمْ. 10 فَأجَابَهُ بَنْهَدَدُ وَقَالَ: «لَيْتَ الآلِهَةَ تُعَاقِبَنِي إنْ لَمْ أُدَمِّرِ السَّامِرَةَ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهَا وَلَوْ حِفنَةُ تُرَابٍ يَغْنَمُهَا رَجُلٌ مِنْ رِجَالِي!»

11 فَأجَابَ أخآبُ الرُّسُلَ: «قُولُوا لَهُ لَيْسَ الفَخْرُ لِمَنْ يَلبَسُ سِلَاحَهُ، بَلْ لِمَنْ يَنْزِعُهُ!»

12 وَكَانَ المَلِكُ بِنهَدَدُ يَشْرَبُ فِي خَيْمَتِهِ عِنْدَمَا وَصَلَ رُسُلُهُ حَامِلِينَ جَوَابَ أخآبَ. فَأمَرَ بِنهَدَدُ رِجَالَهُ بِالِاسْتِعْدَادِ لِلهُجُومِ عَلَى المَدِينَةِ. فَاتَّخَذَ جُنُودُهُ مَوَاقِعَهُمُ اسْتِعدَادًا لِلمَعْرَكَةِ.

13 وَفِي الوَقْتِ نَفْسِهِ جَاءَ نَبِيٌّ إلَى أخآبَ مَلِكِ إسْرَائِيلَ. فَقَالَ لَهُ: «يَقُولُ اللهُ لَكَ: ‹أتَرَى هَذَا الجَيْشَ الكَبِيرَ؟ سَأُعِينُكَ، أنَا اللهُ، عَلَى أنْ تَهْزِمَهُ اليَوْمَ. حِينَئِذٍ، سَتَتَأكَّدُ أنِّي أنَا الإلَهُ الحَقِيقِيُّ!›»

14 فَقَالَ أخآبُ: «بِمَنْ سَأهزِمُهُمْ؟»

فَأجَابَ النَّبِيُّ: «يَقُولُ اللهُ: بِالفِتْيَانِ الَّذِينَ يَخْدِمُونَ مَسؤُولِي الحُكُومَةِ.»

فَسَألَ المَلِكُ: «وَمَنْ سَيَبدأُ المَعرَكَةَ؟»

فَأجَابَ النَّبِيُّ: «أنْتَ.»

15 فَجَمَعَ أخآبُ الفِتْيَانَ الَّذِينَ كَانُوا يَخْدِمُونَ مَسؤُولِي الحُكُومَةِ. فَكَانَ مَجْمُوعُهُمْ مِئَتَيْنِ وَاثنَيْنِ وَثَلَاثِينَ. ثُمَّ جَمَعَ المَلِكُ جَيْشَ إسْرَائِيلَ. فَكَانَ مَجْمُوعُهُمْ سَبْعَةَ آلَافِ جُندِيٍّ.

16 وَعِنْدَ الظُّهْرِ، كَانَ المَلِكُ بَنْهَدَدُ وَالمُلُوكُ الِاثْنَانُ وَالثَّلَاثُونَ المُسَاعِدُونَ لَهُ يَشْرَبُونَ وَيَسْكَرُونَ فِي خِيَمِهِمْ. فِي ذَلِكَ اليَوْمِ، بَدَأ هُجُومُ أخآبَ. 17 هَجَمَ الفِتْيَانُ أوَّلًا. فَجَاءَ رِجَالُ المَلِكِ بَنْهَدَدَ وَأخبَرُوهُ بِأنَّ جُنُودًا خَرَجُوا مِنَ السَّامِرَةِ. 18 فَقَالَ بَنْهَدَدُ: «أمسِكُوا بِهِمْ أحيَاءَ، سَوَاءٌ أجَاءُوا لِلسِّلْمِ أمْ لِلحَرْبِ.»

19 وَكَانَ فِي المُقَدِّمَةِ فِتْيَانُ جَيْشِ أخآبَ، وَورَاءَهُمْ بَقِيَّةُ الجَيْشِ. 20 فَقَتَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ جَيْشِ إسْرَائِيلَ الرَّجُلَ الَّذِي تَصَدَّى لَهُ. فَبَدَأ جُنُودُ أرَامَ يَهْرُبُونَ. فَطَارَدَهُمْ جَيْشُ إسْرَائِيلَ. وَهَرَبَ المَلِكُ بَنْهَدَدُ عَلَى حِصَانِ إحْدَى المَرْكَبَاتِ. 21 وَقَادَ أخآبُ الجَيْشَ، وَاسْتَوْلَى عَلَى كُلِّ خُيُولِ جَيْشِ أرَامَ وَمَرْكِبَاتِهِ. فَألحَقَ هَزِيمَةً مُنكَرَةً بِجَيْشِ أرَامَ.

22 وَبَعْدَ ذَلِكَ ذَهَبَ النَّبِيُّ إلَى أخآبَ وَقَالَ لَهُ: «سَيَهْجُمُ بَنْهَدَدُ المَلِكُ عَلَيْكَ فِي الرَّبِيعِ القَادِمِ. فَاذْهَبْ وَقَوِّ جَيْشَكَ. وَأعِدَّ الخُطَطَ اللَّازِمَةَ لِلتَّصَدِّي لَهُ.»

بَنْهَدَدُ يُعَاوِدُ الهُجُوم

23 وَقَالَ قَادَةُ جَيْشِ بَنْهَدَدَ لَهُ: «إنَّ آلِهَةَ إسْرَائِيلَ آلِهَةُ جِبَالٍ. وَنَحْنُ حَارَبْنَاهُمْ فِي مِنْطَقَةِ جَبَلِيَّةٍ، فَانتَصَرُوا عَلَيْنَا. فَلْنُحَارِبْهُمْ عَلَى أرْضٍ مُنْبَسِطَةٍ، وَسَنَنْتَصِرُ عَلَيْهِمْ. 24 وَلَا تَتْرُكِ الجُيُوشَ تَحْتَ إمْرَةِ المُلُوكِ الِاثنَيْنِ وَالثَّلَاثِينَ، بَلْ ضَعْهُمْ تَحْتَ إمْرَةِ ضُبَّاطِكَ. 25 فَلْنَجْمَعْ جَيْشًا مِثْلَ ذَاكَ الَّذِي تَمَّ تَدْميرُهُ، مِثْلَهُ فِي عَدَدِ الرِّجَالِ وَالخَيلِ وَالعَرَبَاتِ. وَلنُقَاتِلْ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى أرْضٍ مُنْبَسِطَةٍ. حِينَئِذٍ، نَنْتَصِرُ.» فَاسْتَمَعَ بَنْهَدَدُ إلَى نَصِيحَتِهِمْ وَعَمِلَ بِهَا.

26 وَفِي الرَّبِيعِ، حَشَدَ بَنْهَدَدُ شَعْبَ أرَامَ. وَذَهَبَ إلَى أفِيقَ لِمُحَارَبَةِ إسْرَائِيلَ. 27 وَاسْتَعَدَّ بَنُو إسْرَائِيلَ أيْضًا لِلحَرْبِ، وَذَهَبُوا لِمُلَاقَاةِ جَيْشِ أرَامَ. وَعَسْكَرُوا مُقَابِلَ مُعَسْكَرِ الأرَامِيِّينَ. وَظَهَرَ جَيْشُ إسْرَائِيلَ وَكَأنَّهُ مَجمُوعَتَانِ صَغِيرَتَانِ مِنَ الغَنَمِ، أمَّا جَيْشُ أرَامَ فَغَطَّى المِنْطَقَةَ كُلَّهَا.

28 فَأتَى رَجُلٌ مِنْ رِجَالِ اللهِ بِهَذِهِ الرِّسَالَةِ: «يَقُولُ اللهُ: ‹قَالَ شَعْبُ أرَامَ إنِّي، أنَا اللهَ، إلَهُ الجِبَالِ، لَا إلَهَ السُّهُولِ. لِهَذَا سَأنصُرُكَ عَلَى هَذَا الجَيْشِ الكَبِيرِ. حِينَئِذٍ، سَتَعْلَمُونَ أنِّي أنَا اللهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ!›»

29 فَاحتَشَدَ الجَيْشَانِ أحَدُهُمَا مُقَابِلَ الآخَرِ. وَفِي اليَوْمِ السَّابِعِ ابْتَدَأ القِتَالُ. فَقَتَلَ بَنُو إسْرَائِيلَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مِئَةَ ألْفِ جُندِيٍّ مِنَ الجَيْشِ الأرَامِيِّ. 30 فَهَرَبَ النَّاجُونَ إلَى مَدِينَةِ أفِيقَ. فَسَقَطَ سُورُ المَدِينَةِ عَلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ ألْفًا مِنْهُمْ. وَهَرَبَ بَنْهَدَدُ أيْضًا إلَى المَدِينَةِ وَاختَبَأ فِي غُرْفَةٍ. 31 فَقَالَ لَهُ خُدَّامُهُ: «سَمِعْنَا أنَّ مُلُوكَ إسْرَائِيلَ رُحَمَاءُ. فَلْنَلْبَسْ كِتَّانًا خَشِنًا وَنَضَعْ حِبَالًا عَلَى رُؤُوسِنَا. وَلْنَذْهَبْ إلَى مَلِكِ إسْرَائِيلَ. فَرُبَّمَا يَعْفُو عَنَّا.»

32 فَلَبِسُوا كِتَّانًا خَشِنًا وَوَضَعُوا حِبَالًا عَلَى رُؤُوسِهِمْ. وَجَاءُوا إلَى مَلِكِ إسْرَائِيلَ وَقَالُوا لَهُ: «يَقُولُ عَبْدُكَ بَنْهَدَدُ: ‹اعْفُ عَنِّي مِنْ فَضْلِكَ.›» فَقَالَ أخآبُ: «أمَا يَزَالُ حَيًّا؟ إنِّي أعتَبِرُهُ أخًا لِي.»

33 وَكَانَ رِجَالُ بَنْهَدَدَ يَنْتَظِرُونَ كَلِمَةً يَسْتَبْشِرُونَ بِهَا. فَلَمَّا دَعَاهُ أخآبُ أخًا لَهُ، أيَّدُوهُ فَوْرًا وَقَالُوا: «نَعَمْ! إنَّ بَنْهَدَدَ أخٌ لَكَ.»

فَقَالَ أخآبُ: «أحضِرُوهُ لِي.» فَجَاءَ بَنْهَدَدُ إلَى أخآبَ. فَطَلَبَ مِنْهُ أخآبُ أنْ يَرْكَبَ المَرْكَبَةَ مَعَهُ.

34 فَقَالَ بَنْهَدَدُ: «سَأرُدُّ لَكَ كُلَّ المُدُنِ الَّتِي اسْتَوْلَى عَلَيْهَا أبِي مِنْ أبِيكَ. وَسَأسْمَحُ لَكَ أيْضًا أنْ تَفْتَحَ مَتَاجِرَ فِي دِمَشْقَ، كَمَا فَعَلَ أبِي فِي السَّامِرَةِ.» فَأجَابَهُ أخآبُ: «وَأنَا أُطلِقُ سَرَاحَكَ بِنَاءً عَلَى وَعْدِكَ هَذَا.» ثُمَّ أطلَقَ أخآبُ سَرَاحَ بَنْهَدَدَ.

نَبِيٌّ يَتَنَبَّأُ ضِدَّ أخآب

35 وَقَالَ نَبِيٌّ لِنَبِيٍّ آخَرَ بِنَاءً عَلَى أمْرِ اللهِ: «اضْرِبْنِي!» لَكِنَّ النَّبِيَّ الآخَرَ رَفَضَ. 36 فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ الأوَّلُ «أنْتَ لَمْ تُطِعْ أمْرَ اللهِ، لِذَلِكَ سَيَقْتُلُكَ أسَدٌ عِنْدَمَا تُغَادِرُ هَذَا المَكَانَ.» وَلَمَّا غَادَرَ النَّبِيُّ الآخَرُ المَكَانَ، قَتَلَهُ أسَدٌ.

37 فَذَهَبَ النَّبِيُّ الأوَّلُ إلَى رَجُلٍ آخَرَ وَقَالَ لَهُ: «اضْرِبْنِي!» فَضَرَبَ الرَّجُلُ النَّبِيَّ وَجَرَحَهُ. 38 فَوَضَعَ النَّبِيُّ عُصَابَةً عَلَى عَيْنَيْهِ، لِئَلَّا يَعْرِفَهُ أحَدٌ. وَذَهَبَ وَانتَظَرَ المَلِكَ عَلَى الطَّرِيقِ. 39 فَلَمَّا جَاءَ المَلِكُ، قَالَ لَهُ النَّبِيُّ: «كُنْتُ أُقَاتِلُ فِي مَيدَانِ المَعْرَكَةِ، فَجَاءَ جُندِيٌّ مِنْ جُنُودِنَا إلَيَّ وَقَالَ لِيَ: ‹احرُسْ هَذَا الأسِيرَ وَلَا تَدَعْهُ يَهْرُبُ. فَإنْ هَرَبَ مِنْكَ، تَدْفَعُ لِي قِنطَارًا مِنَ الفِضَّةِ غَرَامَةً.› 40 لَكِنِّي انشَغَلْتُ بِأُمُورٍ كَثِيرَةٍ، فَاسْتَغَلَّ الأسِيرُ الفُرْصَةَ وَهَرَبَ.»

فَأجَابَهُ المَلِكُ: «أنْتَ أدَنْتَ نَفْسَكَ. فَأنْتَ تَعْرِفُ الجَوَابَ. وَتَعْرِفُ أنَّ عَلَيْكَ أنْ تَدْفَعَ الغَرَامَةَ.»

41 ثُمَّ أسْرَعَ النَّبِيُّ فَرَفَعَ العُصَابَةَ عَنْ عَيْنَيْهِ. فَعَرَفَ مَلِكُ إسْرَائِيلَ أنَّهُ وَاحِدٌ مِنَ الأنْبِيَاءِ.

42 فَقَالَ النَّبِيُّ لِلمَلِكِ: «يَقُولُ لَكَ اللهُ: ‹أنْتَ أطْلَقْتَ سَرَاحَ رَجُلٍ قُلْتُ أنَا إنَّهُ يَنْبَغِي أنْ يَمُوتَ. لِهَذَا سَتَكُونُ أنْتَ عِوَضًا عَنْهُ، وَسَتَمُوتُ أنْتَ وَشَعْبُكَ!›» 43 فَمَضَى المَلِكُ إلَى بَيْتِهِ فِي السَّامِرَةِ مُكْتَئِبًا مَغْمُومًا.

بنهدد يهاجم السامرة

20 وَحَشَدَ بَنْهَدَدُ مَلِكُ أَرَامَ كُلَّ جَيْشِهِ، بَعْدَ أَنِ انْضَمَّ إِلَيْهِ اثْنَانِ وَثَلاثُونَ مَلِكاً بِخَيْلِهِمْ وَمَرْكَبَاتِهِمْ، وَحَاصَرَ السَّامِرَةَ عَاصِمَةَ إِسْرَائِيلَ. ثُمَّ بَعَثَ بَنْهَدَدُ رِسَالَةً إِلَى آخْابَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ فِي السَّامِرَةِ تَقُولُ: «لِي كُلُّ فِضَّتِكَ وَذَهَبِكَ وَأَجْمَلُ نِسَائِكَ وَبَنُوكَ الْحِسَانُ». فَأَجَابَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ: «لَكَ مَا طَلَبْتَهُ يَا سَيِّدِي الْمَلِكُ، فَأَنَا وَكُلُّ مَا أَمْلِكُهُ لَكَ». فَبَعَثَ بَنْهَدَدُ رِسَالَةً أُخْرَى إِلَى آخْابَ تَقُولُ: «كُنْتُ قَدْ أَرْسَلْتُ إِلَيْكَ طَالِباً أَنْ تُقَدِّمَ لِي كُلَّ فِضَّتِكَ وَذَهَبِكَ وَأَجْمَلَ نِسَائِكَ وَبَنِيكَ الْحِسَانَ، وَلَكِنِّي أَيْضاً فِي نَحْوِ هَذَا الْوَقْتِ غَداً أُرْسِلُ رِجَالِي إِلَيْكَ لِيُفَتِّشُوا قَصْرَكَ وَبُيُوتَ عَبِيدِكَ، لَيَسْتَوْلُوا عَلَى كُلِّ مَا هُوَ نَفِيسٌ». فَاسْتَدْعَى مَلِكُ إِسْرَائِيلَ جَمِيعَ زُعَمَاءِ الْبِلادِ وَقَالَ: «اعْلَمُوا وَانْظُرُوا أَنَّ بَنْهَدَدَ يَبْغِي الشَّرَّ، فَقَدْ بَعَثَ يَطْلُبُ إِلَيَّ تَسْلِيمَ نِسَائِي وَبَنِيَّ وَفِضَّتِي وَذَهَبِي، فَوَافَقْتُ». فَقَالَ لَهُ كُلُّ زُعَمَاءِ الْبِلادِ وَسائِرُ الشَّعْبِ: «لا تَسْمَعْ لَهُ وَلا تَخْضَعْ لِطَلَبِهِ». فَقَالَ آخْابُ لِرُسُلِ بَنْهَدَدَ: «قُولُوا لِسَيِّدِي الْمَلِكِ إِنَّنِي مُسْتَعِدٌّ أَنْ أُنَفِّذَ جَمِيعَ مَطَالِبِهِ الأُولَى، أَمَّا الْمَطَالِبُ الثَّانِيَةُ فَلا أَسْتَطِيعُ تَلْبِيَتَهَا». فَرَجَعَ الرُّسُلُ بِجَوَابِهِ إِلَى بَنْهَدَدَ. 10 فَبَعَثَ إِلَيْهِ بَنْهَدَدُ قَائِلاً: «لِتُعَاقِبْنِي الآلِهَةُ أَشَّدَ عِقَابٍ وَتَزِدْ، إِنْ بَقِيَ مِنْ تُرَابِ السَّامِرَةِ مَا يَكْفِي لِمِلْءِ قَبْضَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ رِجَالِي». 11 فَأَجَابَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ: «قُولُوا لَهُ: لَا يَفْتَخِرُ مَنْ يَشُدُّ دِرْعَهُ كَمَنْ يَحُلُّهُ» (أَي الفَخْرُ يَكُونُ بَعْدَ الْمَعْرَكَةِ لَا قَبْلَهَا). 12 فَلَمَّا سَمِعَ بَنْهَدَدُ هَذَا الْكَلامَ وَهُوَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ فِي الْخِيَامِ مَعَ حُلَفَائِهِ الْمُلُوكِ، أَمَرَ رِجَالَهُ أَنْ يَتَأَهَّبُوا لِلْقِتَالِ، فَاسْتَعَدُّوا لِلْهُجُومِ عَلَى الْمَدِينَةِ.

انتصار آخاب على بنهدد

13 وَإذَا بِنَبِيٍّ يَتَقَدَّمُ إِلَى آخْابَ قَائِلاً: «هَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ: هَلْ تَرَى هَذَا الْجَيْشَ الْغَفِيرَ؟ هَا أَنَا أَنْصُرُكَ عَلَيْهِ الْيَوْمَ، فَتَعْلَمُ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ». 14 فَسَأَلَ آخْابُ: «بِمَنْ يَكُونُ النَّصْرُ؟» فَأَجَابَ: «هَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ: بِقُوَّاتِ رُؤَسَاءِ الْمُقَاطَعَاتِ» فَعَادَ يَسْأَلُ: «مَنْ يَبْتَدِئُ الْحَرْبَ؟» فَأَجَابَ: «أَنْتَ». 15 فَأَحْصَى آخْابُ رِجَالَ رُؤَسَاءِ الْمُقَاطَعَاتِ، فَبَلَغُوا مِئَتَيْنِ وَاثْنَيْنِ وَثَلاثِينَ. ثُمَّ أَحْصَى بَعْدَهُمْ بَقِيَّةَ جَيْشِ إِسْرَائِيلَ فَكَانُوا سَبْعَةَ آلافٍ. 16 وَانْدَفَعُوا عِنْدَ الظُّهْرِ مِنَ الْمَدِينَةِ وَبَنْهَدَدُ مُنْهَمِكٌ فِي السُّكْرِ فِي الْخِيَامِ مَعَ حُلَفَائِهِ الْمُلُوكِ الاثْنَيْنِ وَالثَّلاثِينَ، 17 وَتَقَدَّمَتْ قُوَّاتُ رُؤَسَاءِ الْمُقَاطَعَاتِ أَوَّلاً، فَقَالَ الْمُرَاقِبُونَ لِبَنْهَدَدَ: «رِجَالٌ مِنَ السَّامِرَةِ قَادِمُونَ عَلَيْنَا» 18 فَقَالَ: «اقْبِضُوا عَلَيْهِمْ أَحْيَاءَ، سَوَاءٌ كَانَ قُدُومُهُمْ لِلْهُدْنَةِ أَوْ لِلْحَرْبِ». 19 وَهَكَذَا انْدَفَعَتْ قُوَّاتُ رُؤَسَاءِ الْمُقَاطَعَاتِ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَفِي أَعْقَابِهَا تَقَدَّمَ الْجَيْشُ الإِسْرَائِيلِيُّ 20 وَهَاجَمَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ وَاحِداً مِنْ جَيْشِ الأَرَامِيِّينَ، فَهَرَبَ الأَرَامِيُّونَ، وَلاحَقَهُمُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ. وَتَمَكَّنَ بَنْهَدَدُ مَلِكُ أَرَامَ مَعَ بَعْضِ فُرْسَانِهِ مِنَ النَّجَاةِ عَلَى خُيُولِهِمْ. 21 وَتَقَدَّمَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَاقْتَحَمَ الْخَيْلَ وَالْمَرْكَبَاتِ، وَأَنْزَلَ بِالأَرَامِيِّينَ هَزِيمَةً فَادِحَةً.

22 وَاقْتَرَبَ النَّبِيُّ مِنْ آخْابَ وَقَالَ لَهُ: «اذْهَبْ وَتَأَهَّبْ، وَدَبِّرْ شُؤُونَكَ، وَفَكِّرْ بِمَا تَفْعَلُ، لأَنَّهُ فِي نِهَايَةِ هَذَا الْعَامِ يُهَاجِمُكَ مَلِكُ أَرَامَ، 23 لأَنَّ رِجَالَهُ قَدْ قَالُوا لَهُ: إِنَّ آلِهَةَ الإِسْرَائِيلِيِّينَ آلِهَةُ جِبَالٍ، لِذَلِكَ انْتَصَرُوا هَذِهِ الْمَرَّةَ، وَلَكِنْ إِنْ حَارَبْنَاهُمْ فِي السَّهْلِ فَإِنَّنَا نَهْزِمُهُمْ. 24 كَمَا اقْتَرَحُوا عَلَيْهِ عَزْلَ الْمُلُوكِ مِنْ قِيَادَةِ الْجُيُوشِ، وَتَعْيِينَ ضُبَّاطٍ بَدَلاً مِنْهُمْ. 25 وَقَالُوا لِبَنْهَدَدَ: جَهِّزْ لِنَفْسِكَ جَيْشاً ضَخْماً، يَكُونُ عَدَدُهُ كَعَدَدِ الْجَيْشِ الَّذِي فَقَدْتَهُ، فَرَساً بِفَرَسٍ وَمَرْكَبَةً بِمَرْكَبَةٍ، فَنُحَارِبَهُمْ فِي السَّهْلِ وَنَقْهَرَهُمْ». فَعَمِلَ بَنْهَدَدُ بِاقْتِرَاحِهِمْ وَرَأْيِهِمْ. 26 وَفِي نِهَايَةِ الْعَامِ جَهَّزَ بَنْهَدَدُ جَيْشاً مِنَ الأَرَامِيِّينَ، وَانْطَلَقَ إِلَى أَفِيقَ لِيُحَارِبَ الإِسْرَائِيلِيِّينَ. 27 وَحَشَدَتْ إِسْرَائِيلُ جَيْشَهَا وَجَهَّزَتْ مَؤُونَتَهُ وَتَقَدَّمُوا لِلِقَائِهِمْ، فَكَانُوا بِالْمُقَارَنَةِ بِالأَرَامِيِّينَ الَّذِينَ مَلَأُوا الأَرْضَ نَظِيرَ قَطِيعَيْنِ مِنْ الْمِعْزَى.

28 فَجَاءَ رَجُلُ اللهِ إِلَى آخْابَ وَقَالَ: «هَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ: لأَنَّ الأَرَامِيِّينَ قَدِ ادَّعُوا أَنَّ الرَّبَّ إِنَّمَا هُوَ إِلَهُ جِبَالٍ وَلَيْسَ هُوَ إِلَهُ أَوْدِيَةٍ، فَإِنَّنِي سَأَنْصُرُكَ عَلَى كُلِّ هَذَا الْجَيْشِ الْغَفِيرِ، فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ». 29 وَهَكَذَا تَوَاجَهَ الطَّرَفَانِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ. وَفِي الْيَوْمِ السَّابِعِ دَارَتْ رَحَى الْحَرْبِ، فَقَتَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مِئَةَ أَلْفٍ مِنْ مُشَاةِ أَرَامَ، 30 وَهَرَبَ الأَحْيَاءُ إِلَى دَاخِلِ مَدِينَةِ أَفِيقَ، فَانْهَارَ السُّورُ عَلَى السَّبْعَةِ وَالْعِشْرِينَ أَلْفَ رَجُلٍ الْبَاقِينَ. أَمَّا بَنْهَدَدُ فَقَدْ لَجَأَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَاخْتَبَأَ فِيهَا فِي مُخْدَعٍ دَاخِلَ مُخْدَعٍ.

31 فَقَالَ لَهُ رِجَالُهُ: «لَقَدْ سَمِعْنَا أَنَّ مُلُوكَ إِسْرَائِيلَ مُلُوكٌ حَلِيمُونَ، فَلْنَرْتَدِ مُسُوحاً حَوْلَ أَحْقَائِنَا، وَنَضَعْ حِبَالاً عَلَى رُؤُوسِنَا، وَنَخْرُجْ إِلَى مَلِكِ إِسْرَائِيلَ، لَعَلَّهُ يَعْفُو عَنْكَ». 32 فَارْتَدَوْا مُسُوحاً حَوْلَ أَحْقَائِهِمْ، وَوَضَعُوا حِبَالاً عَلَى رُؤُوسِهِمْ، وَمَثَلُوا أَمَامَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ قَائِلِينَ: «عَبْدُكَ بَنْهَدَدُ يَرْجُو الْعَفْوَ عَنْ حَيَاتِهِ». فَقَالَ: «أَلا يَزَالُ حَيًّا؟ هُوَ أَخِي!» 33 فَتَفَاءَلَ رِجَالُ بَنْهَدَدَ، وَتَشَبَّثُوا بِالأَمَلِ، وَقَالُوا: «نَعَمْ هُوَ أَخُوكَ». فَقَالَ لَهُمْ آخْابُ: «اذْهَبُوا وَأَحْضِرُوهُ.» وَعِنْدَمَا وَصَلَ، أَصْعَدَهُ مَعَهُ فِي مَرْكَبَتِهِ، 34 فَقَالَ بَنْهَدَدُ: «إِنِّي أَرُدُّ الْمُدُنَ الَّتِي اسْتَوْلَى عَلَيْهَا أَبِي مِنْ أَبِيكَ، وَتُقِيمُ لِنَفْسِكَ أَسْوَاقاً تِجَارِيَّةً فِي دِمَشْقَ مُمَاثِلَةً لِلأَسْوَاقِ الَّتِي أَقَامَهَا أَبِي فِي السَّامِرَةِ». فَأَجَابَهُ الْمَلِكُ: «وَبِنَاءً عَلَى هَذَا الْعَهْدِ فَإِنَّنِي أُطْلِقُكَ حُرّاً». فَقَطَعَ لَهُ بَنْهَدَدُ عَهْداً وَأَطْلَقَهُ آخْابُ.

نبي يدين آخاب

35 وَنُزُولاً عِنْدَ أَمْرِ الرَّبِّ، قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي الأَنْبِيَاءِ لِصَاحِبِهِ: «اضْرِبْنِي بِسَيْفِكَ». فَأَبَى الرَّجُلُ أَنْ يَضْرِبَهُ. 36 فَقَالَ لَهُ: «إِنَّكَ لَمْ تُطِعْ أَمْرَ الرَّبِّ، فَعِنْدَ انْصِرَافِكَ مِنْ عِنْدِي يَقْتُلُكَ أَسَدٌ». وَحِينَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ لَقِيَهُ أَسَدٌ وَصَرَعَهُ. 37 ثُمَّ صَادَفَ النَّبِيُّ رَجُلاً آخَرَ، فَقَالَ لَهُ: «اضْرِبْنِي». فَضَرَبَهُ وَجَرَحَهُ، 38 فَمَضَى النَّبِيُّ وَاعْتَرَضَ طَرِيقَ الْمَلِكَ مُتَنَكِّراً بِعِصَابَةٍ عَلَى عَيْنَيْهِ. 39 وَعِنْدَمَا اجْتَازَ آخْابُ أَمَامَهُ نَادَاهُ وَقَالَ: «خَرَجَ عَبْدُكَ فِي أَثْنَاءِ اشْتِدَادِ الْمَعْرَكَةِ، وَإذَا بِرَجُلٍ أَقْبَلَ إِلَيَّ بِأَسِيرٍ، وَقَالَ: احْرُسْ هَذَا الرَّجُلَ، وَإِنْ فُقِدَ تَكُونُ نَفْسُكَ عِوَضَ نَفْسِهِ، أَوْ تَدْفَعُ وَزْنَةً مِنَ الفِضَّةِ (نَحْوَ سِتَّةٍ وَثَلاثِينَ كِيلُو جِرَاماً) 40 وَفِيمَا عَبْدُكَ مُنْهَمِكٌ فِي بَعْضِ الأُمُورِ، اخْتَفَى الأَسِيرُ». فَقَالَ لَهُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ: «لَقَدْ حَكَمْتَ عَلَى نَفْسِكَ بِمَا قَضَيْتَ بِهِ». 41 عِنْدَئِذٍ بَادَرَ النَّبِيُّ فَرَفَعَ الْعِصَابَةَ عَنْ عَيْنَيْهِ فَأَدْرَكَ الْمَلِكُ أَنَّهُ مِنْ بَنِي الأَنْبِيَاءِ. 42 وَقَالَ لِلْمَلِكِ: «هَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ: لأَنَّكَ أَبْقَيْتَ عَلَى حَيَاةِ رَجُلٍ قَضَيْتُ بِهَلاكِهِ، فَسَتَمُوتُ بَدَلاً مِنْهُ، وَيَهْلِكُ شَعْبُكَ بَدَلاً مِنْ شَعْبِهِ». 43 فَانْصَرَفَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ إِلَى قَصْرِهِ فِي السَّامِرَةِ مُكْتَئِباً مَغْمُوماً.