Add parallel Print Page Options

تِمثَالُ الذَّهَب

وَصَنَعَ نَبُوخَذْنَاصَّرُ تِمثَالًا مِنَ الذَّهَبِ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، وَعَرْضُهُ سِتُّ أذْرُعٍ. وَنَصَبَهُ فِي وَادِي دُورَا فِي مُقَاطَعَةِ بَابِلَ. وَأصدَرَ نَبُوخَذْنَاصَّرُ أمْرًا بِأنْ يَأْتِيَ جَمِيعُ الوُلَاةِ وَكِبَارِ المَسؤُولِينَ وَالحُكَّامِ وَالمُسْتَشَارِينَ وَأُمَنَاءِ الخَزنَةِ وَالقُضَاةِ وَضُبَّاطِ الشُرطَةِ وَجَمِيعُ مُوَظَفِي المُقَاطَعَةِ لِتَدْشِينِ تِمثَالِ الذَّهَبِ الَّذِي كَانَ المَلِكُ قَد أمَرَ بِإقَامَتِهِ.

فَاجتَمَعَ كُلُّ الوُلَاةِ وَكِبَارِ المَسؤُولِينَ وَالحُكَّامِ وَالمُسْتَشَارِينَ وَأُمَنَاءِ الخَزنَةِ وَالقُضَاةِ وَضُبَّاطِ الشُرطَةِ وَكُلُّ مُوَظَّفِي المُقَاطَعَةِ الآخَرِينَ لِأجْلِ تَدْشِينِ التِّمثَالِ الَّذِي أمَرَ المَلِكُ نَبُوخَذْنَاصَّرُ بِإقَامَتِهِ، وَوَقَفُوا أمَامَ التِّمثَالِ. ثُمَّ أعْلَنَ مُنَادٍ بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ وَقَالَ: «أيَّتُهَا الشُّعُوبُ وَالأُمَمُ مِنْ جَمِيعِ اللُّغَاتِ، حِينَ تَسْمَعُونَ أصْوَاتَ البُوقِ وَالنَّايِ وَالقِيثَارَةِ وَالرَّبَابَةِ وَالقَانُونِ وَالقِرْبَةِ وَغَيرِهَا مِنَ الآلَاتِ، تَسْجُدُونَ لِتِمثَالِ الذَّهَبِ الَّذِي نَصَبَهُ نَبُوخَذْنَاصَّرُ. وَمَنْ لَا يَسْجُدُ لَهُ، سَيُقبَضُ عَلَيْهِ فَوْرًا وَيُطرَحُ فِي فُرنٍ مُشتَعِلٍ.»

وَكَانَ هُنَاكَ أُنَاسٌ مِنْ كُلِّ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَاللُّغَاتِ، فَلَمَّا سَمِعُوا صَوْتَ البُوقِ وَالنَّايِ وَالقَانُونِ وَالقِيثَارَاتِ الكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ وَالمِزمَارِ وَأصوَاتِ الآلَاتِ المُوسِيقِيَّةِ الأُخرَى، سَجَدُوا أمَامَ تِمثَالِ الذَّهَبِ الَّذِي نَصَبَهُ نَبُوخَذْنَاصَّرُ.

فَذَهَبَ رِجَالٌ كَلْدَانِيُّونَ إلَى المَلِكِ وَاشتَكَوْا عَلَى اليَهُودِ. وَقَالُوا لِنَبُوخَذْنَاصَّرَ المَلِكِ: «أيُّهَا المَلِكُ، فَلتَعِشْ إلَى الأبَدِ! 10 أيُّهَا المَلِكُ، أنْتَ أصدَرتَ أمْرًا بِأنَّ كُلَّ مَنْ يَسْمَعُ صَوْتَ البُوقِ وَالنَّايِ وَالقَانُونِ وَالقِيثَارَاتِ الكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ وَالمِزمَارِ وَالآلَاتِ المُوسِيقِيَّةِ الأُخرَى، يَنْبَغِي أنْ يَسْجُدَ أمَامَ تِمثَالِ الذَّهَبِ. 11 وَأنَّ كُلَّ مَنْ لَا يَسْجُدُ سَيُلقَى بِهِ إلَى فُرنٍ مُشتَعِلٍ. 12 لَكِنْ هُنَاكَ رِجَالٌ يَهُودٌ عَيَّنْتَهُمْ فِي مَرَاكِزَ عُلْيَا فِي مُقَاطَعَةِ بَابِلَ، هُمْ شَدْرَخُ وَمِيشَخُ وَعَبْدُنَغُو، وَهُمْ يَتَجَاهَلُونَ أمرَكَ وَلَا يَعْبُدُونَ إلَهَكَ، إذْ لَمْ يَسْجُدُوا لِتِمثَالِ الذَّهَبِ الَّذِي أمَرْتُ بِإقَامَتِهِ.»

13 فَاغتَاظَ نَبُوخَذْنَاصَّرُ عِنْدَمَا سَمِعَ ذَلِكَ وَقَالَ غَاضِبًا: «أحضِرُوا شَدْرَخَ وَمِيشَخَ وَعَبْدَنَغُوَ إلَيَّ.» فَأحضَرُوا هَؤلَاءِ الرِّجَالَ أمَامَ المَلِكِ. 14 فَقَالَ نَبُوخَذْنَاصَّرُ: «يَا شَدْرَخُ وَمِيشَخُ وَعَبْدَنَغُو، هَلْ صَحِيحٌ أنَّكُمْ لَمْ تُشَارِكُوا فِي العِبَادَةِ وَالسُّجُودِ لِتِمثَالِ الذَّهَبِ الَّذِي نَصَبتُهُ؟ 15 اسْتَعِدُّوا لِلسُّجُودِ لِذَلِكَ التِّمثَالِ فَورَ سَمَاعِ أصْوَاتِ البُوقِ وَالنَّايِ وَالقِيثَارَةِ وَالرَّبَابَةِ وَالقَانُونِ وَالقِرْبَةِ وَغَيرِهَا مِنَ الآلَاتِ. فَإنْ لَمْ تَسْجُدُوا، سَتُلقَوْنَ إلَى الفُرنِ المُشْتَعِلِ! وَمَنْ هُوَ الإلَهُ الَّذِي يَسْتَطِيعُ أنْ يُنقِذَكُمْ مِنْ يَدَيَّ؟» 16 فَأجَابَ شَدْرَخُ وَمِيشَخُ وَعَبْدَنَغُو المَلِكَ وَقَالُوا: «يَا نَبُوخَذْنَاصَّرُ، لَا نَحتَاجُ أنْ نُجِيبَكَ عَنْ هَذَا الأمْرِ، 17 لِأنَّ الإلَهَ الَّذِي نَعْبُدُهُ يَسْتَطِيعُ أنْ يُنقِذَنَا مِنْكَ أيُّهَا المَلِكُ وَمِنَ الفُرنِ المُشْتَعِلِ. 18 لَكِنْ حَتَّى إنْ لَمْ يُنقِذْنَا، فَليَكُنْ مَعلُومًا لَدَيكَ أيُّهَا المَلِكُ بِأنَّنَا لَنْ نَعْبُدَ آلِهَتَكَ سَاجِدِينَ لِتِمثَالِ الذَّهَبَ الَّذِي نَصَبتَهُ.»

19 فَغَضِبَ نَبُوخَذْنَاصَّرُ غَضَبًا شَدِيدًا، وَعَبَسَ وَجْهُهُ أمَامَ شَدْرَخَ وَمِيشَخَ وَعَبْدَنَغُوَ، وَأمَرَ بِأنْ يُحَمَّى الفُرْنُ سَبْعَةَ أضعَافٍ. 20 وَأمَرَ بَعْضَ الجُنُودِ فِي جَيْشِهِ بِأنْ يَرْبِطُوا شَدْرَخَ وَمِيشَخَ وَعَبْدَنَغُوَ وَيُلقُوهُمْ إلَى الفُرنِ المُشْتَعِلِ. 21 فَرَبَطُوهُمْ وَهُمْ مُرتَدُونَ قُمصَانَهُمْ وَسَرَاوِيلَهُمْ وَعَمَائِمَهُمْ وَثِيَابَهُمْ كَامِلَةً، وَألقَوْا بِهِمْ إلَى الفُرنِ المُشْتَعِلِ. 22 وَلِضَرورَةِ الإسرَاعِ بِتَنْفِيذِ أمْرِ المَلِكِ وَلِأنَّ الفُرنَ حُمِّيَ سَبْعَةَ أضعَافٍ عَنِ المُعتَادِ، فَإنَّ الجُنُودَ الَّذِينَ ألقَوْا شَدْرَخَ وَمِيشَخَ وَعَبْدَنَغُوَ إلَى الفُرنِ احتَرَقُوا حَتَّى المَوْتِ مِنْ لَهَبِ النَّارِ. 23 وَسَقَطَ الرِّجَالُ الثَّلَاثَةُ – شَدرَخُ وَمِيشَخُ وَعَبْدَنَغُو – مُوثَقِينَ فِي الفُرنِ.

24 حِينَئِذٍ، اندَهَشَ نَبُوخَذْنَاصَّرُ وَقَفَزَ مُسرِعًا وَقَالَ لِمُرَافِقِيهِ: «ألَمْ نُلقِ ثَلَاثَةَ رِجَالٍ مُوثَقِينَ إلَى الفُرنِ؟» فَأجَابُوا: «نَعَمْ، هُوَ كَذَلِكَ أيُّهَا المَلِكُ.» 25 فَقَالَ المَلِكُ: «فَلِمَاذَا أرَى أرْبَعَةَ رِجَالٍ مَحلُولِينَ يَتَمَشُّونَ فِي النَّارِ دُونَ أنْ يُصِيبَهُمْ أذَىً؟ وَكَذَلِكَ يَظْهَرُ الرَّابِعُ شَبِيهًا بِابنِ الآلِهَةِ.»[a]

26 ثُمَّ تَقَدَّمَ نَبُوخَذْنَاصَّرُ إلَى بَوَّابَةِ الفُرنِ المُشْتَعِلِ وَقَالَ: «يَا شَدْرَخُ وَمِيشَخُ وَعَبْدَنَغُو، يَا عَبِيدَ اللهِ العَلِيِّ، اخرُجُوا.» فَخَرَجَ شَدْرَخُ وَمِيشَخُ وَعَبْدَنَغُو مِنَ النَّارِ.

27 حِينَئِذٍ، اجتَمَعَ كُلُّ الوُلَاةِ وَكِبَارِ المَسؤُولِينَ وَالحُكَّامِ وَمُرَافِقِي المَلِكِ حَوْلَهُمْ، وَرَأوْا أنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِلنَّارِ أثَرٌ عَلَى أجسَادِهِمْ، حَتَّى إنَّ شَعْرَ رُؤوسِهِمْ لَمْ يَحْتَرِقْ، وَثِيَابَهُمْ لَمْ تَتَأثَّرْ، بَلْ إنَّ رَائِحَةَ النَّارِ لَمْ تَعْلَقْ بِثِيَابِهِمْ.

28 حِينَئِذٍ، قَالَ نَبُوخَذْنَاصَّرُ: «مُبَارَكٌ إلَهُ شَدْرَخَ وَمِيشَخَ وَعَبْدَنَغُوَ الَّذِي أرْسَلَ مَلَاكَهُ لِيُنقِذَ خُدَّامَهُ الَّذِينَ يَثِقُونَ بِهِ، وَالَّذِينَ هَزِئُوا بِمَرسُومِ المَلِكِ مُخَاطِرِينَ بِحَيَاتِهِمْ لِئَلَّا يَعْبُدُوا أوْ يَسْجُدُوا لِأيِّ إلَهٍ آخَرَ غَيْرِ إلَهِهِمْ. 29 وَالْآنَ أنَا آمُرُ بِأنَّ أيَّ إنْسَانٍ مِنْ أيِّ شَعْبٍ أوْ أُمَّةٍ أوْ لُغَةٍ يَتَكَلَّمُ بِسُوءٍ عَنْ إلَهِ شَدْرَخَ وَمِيشَخَ وَعَبْدَنَغُوَ، سَيُمَزَّقُ تَمْزِيقًا، وَسَيُصَادَرُ بَيتُهُ وَيُحَوَّلُ إلَى مَزبَلَةٍ، لِأنَّهُ لَا يُوجَدُ إلَهٌ آخَرُ يَسْتَطِيعُ أنْ يُنقِذَ شَعْبَهُ هَكَذَا.»

30 وَهَكَذَا رَفَعَ المَلِكُ مِنْ مَقَامِ شَدْرَخَ وَمِيشَخَ وَعَبْدَنَغُوَ فِي مُقَاطَعَةِ بَابِلَ.

Footnotes

  1. 3‏:25 شَبِيهًا بِابن الآلِهَة أوْ بَابنِ اللهِ. وَهي حَرْفيًّا «بَار إلَهين،» بصيغةِ الجمعِ فِي اللغَةِ الأرَاميّةِ الَّتِي استَخَدَمَهَا الكلدَانِيون. لِكنَّهَا صيغة جمع تدل عَلَى وَاحدٍ مثل إلوهيم العِبْريّة.

تمثال الذهب والأتون المحمى

ثُمَّ صَنَعَ نَبُوخَذْنَصَّرُ تِمْثَالاً مِنْ ذَهَبٍ، ارْتِفَاعُهُ سِتُّونَ ذِرَاعاً (نَحْوَ ثَلاثِينَ مِتْراً)، وَعَرْضُهُ سِتُّ أَذْرُعٍ (نَحْوَ ثَلاثَةِ أَمْتَارٍ)، وَنَصَبَهُ فِي سَهْلِ دُورَا فِي وِلايَةِ بَابِلَ. وَاسْتَدْعَى نَبُوخَذْنَصَّرُ الْمَلِكُ جَمِيعَ أَقْطَابِ الدَّوْلَةِ وَوُلاتِهَا وَحُكَّامِهَا وَقُضَاتِهَا وَأُمَنَاءِ خَزَائِنِهَا وَمُسْتَشَارِيهَا، وَسَائِرَ كِبَارِ مُوَظَّفِي الأَقَالِيمِ، لِيَأْتُوا لِلاشْتِرَاكِ فِي تَدْشِينِ التِّمْثَالِ الَّذِي نَصَبَهُ. فَاجْتَمَعَ الأَقْطَابُ وَالْحُكَّامُ وَالْقُضَاةُ وَأُمَنَاءُ الْخَزَائِنِ وَالْمُسْتَشَارُونَ وَسَائِرُ عُظَمَاءِ الأَقَالِيمِ لِتَدْشِينِ التِّمْثَالِ الَّذِي نَصَبَهُ نَبُوخَذْنَصَّرُ وَمَثَلُوا أَمَامَهُ. وَصَاحَ مُنَادٍ بِصَوْتٍ عَالٍ: «أَيُّهَا الشُّعُوبُ وَالأُمَمُ مِنْ كُلِّ لُغَةٍ وَلِسَانٍ، قَدْ صَدَرَ لَكُمْ أَمْرٌ أَنَّكُمْ حِينَ تَسْمَعُونَ أَصْوَاتَ بُوقِ الْقَرْنِ وَالنَّايِ وَالْعُودِ وَالرَّبَابِ وَالْقِيثَارَةِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْمِزْمَارِ وَكُلِّ أَنْوَاعِ الْمُوسِيقَى، تَنْحَنُونَ وَتَسْجُدُونَ لِتِمْثَالِ الذَّهَبِ الَّذِي نَصَبَهُ نَبُوخَذْنَصَّرُ الْمَلِكُ. وَكُلُّ مَنْ لَا يَنْحَنِي وَيَسْجُدُ، يُلْقَى فَوْراً فِي وَسَطِ أَتُونِ نَارٍ مُتَّقِدَةٍ». لِهَذَا حَالَمَا سَمِعَتِ الشُّعُوبُ الْحَاضِرَةُ أَصْوَاتَ تِلْكَ الالاتِ الْمُوسِيقِيَّةِ الْمُخْتَلِفَةِ، انْحَنَتْ وَسَجَدَتْ لِتِمْثَالِ الذَّهَبِ الْمَنْصُوبِ.

غَيْرَ أَنَّ بَعْضاً مِنْ رِجَالِ الْكَلْدَانِيِّينَ تَقَدَّمُوا إِلَى الْمَلِكِ نَبُوخَذْنَصَّرَ وَاشْتَكَوْا عَلَى الْيَهُودِ قَائِلِينَ: «لِتَعِشْ أَيُّهَا الْمَلِكُ إِلَى الأَبَدِ. 10 لَقَدْ أَصْدَرْتَ أَيُّهَا الْمَلِكُ أَمْراً أَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْمَعُ أَصْوَاتَ بُوقِ الْقَرْنِ وَالنَّايِ وَالْعُودِ وَالرَّبَابِ وَالْقِيثَارَةِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْمِزْمَارِ، وَكُلِّ أَنْوَاعِ الْمُوسِيقَى، يَنْحَنِي وَيَسْجُدُ لِتِمْثَالِ الذَّهَبِ. 11 وَكُلُّ مَنْ يَأْبَى يُلْقَى فِي وَسَطِ أَتُونِ نَارٍ مُتَّقِدَةٍ. 12 وَهَا هُنَا رِجَالٌ يَهُودٌ مِمَّنْ وَلَّيْتَهُمْ عَلَى أَعْمَالِ إِقْلِيمِ بَابِلَ، هُمْ شَدْرَخُ وَمِيشَخُ وَعَبْدَنَغُو لَمْ يَأْبَهُوا لَكَ، وَلَمْ يَعْبُدُوا آلِهَتَكَ، وَلَمْ يَسْجُدُوا لِتِمْثَالِ الذَّهَبِ الَّذِي نَصَبْتَهُ».

13 حِينَئِذٍ أَمَرَ نَبُوخَذْنَصَّرُ بِاحْتِدَامِ غَضَبٍ وَغَيْظٍ أَنْ يُؤْتَى بِشَدْرَخَ وَمِيشَخَ وَعَبْدَنَغُو فَأَحْضَرُوهُمْ أَمَامَ الْمَلِكِ. 14 وَقَالَ لَهُمْ نَبُوخَذْنَصَّرُ: «أَحَقّاً يَا شَدْرَخُ وَمِيشَخُ وَعَبْدَنَغُو أَنَّكُمْ لَا تَعْبُدُونَ آلِهَتِي وَلا تَسْجُدُونَ لِتِمْثَالِ الذَّهَبِ الَّذِي نَصَبْتُهُ؟ 15 وَالآنَ إِنْ كُنْتُمْ مُسْتَعِدِّينَ لَدَى سَمَاعِكُمْ صَوْتَ الالاتِ الْمُوسِيقِيَّةِ الْمُخْتَلِفَةِ أَنْ تَنْحَنُوا وَتَسْجُدُوا لِلتِّمْثَالِ الَّذِي صَنَعْتُهُ، أَعْفُو عَنْكُمْ. وَلَكِنْ إِنْ أَبَيْتُمُ السُّجُودَ، تُطْرَحُونَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فِي وَسَطِ أَتُونِ النَّارِ الْمُتَّقِدَةِ. وَأَيُّ إِلَهٍ يَقْدِرُ أَنْ يُنْقِذَكُمْ عِنْدَئِذٍ مِنْ يَدَيَّ؟»

16 فَأَجَابَهُ شَدْرَخُ وَمِيشَخُ وَعَبْدَنَغُو: «لا دَاعِيَ لأَنْ نُجِيبَكَ عَنْ هَذَا الشَّأْنِ 17 لأَنَّ إِلَهَنَا الَّذِي نَعْبُدُهُ قَادِرٌ أَنْ يُنَجِّيَنَا مِنْ أَتُونِ النَّارِ الْمُتَّقِدَةِ، وَأَنْ يُنْقِذَنَا مِنْ يَدِكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ. 18 وَحَتَّى إِنْ لَمْ يُنْقِذْنَا، فَاعْلَمْ يَقِيناً أَيُّهَا الْمَلِكُ أَنَّنَا لَا نَعْبُدُ آلِهَتَكَ، وَلا نَسْجُدُ لِتِمْثَالِ الذَّهَبِ الَّذِي نَصَبْتَهُ».

19 فَاسْتَشَاطَ نَبُوخَذْنَصَّرُ حَنَقاً وَاكْفَهَرَّ وَجْهُهُ غَضَباً عَلَى شَدْرَخَ وَمِيشَخَ وَعَبْدَنَغُو، وَأَمَرَ أَنْ يُضْرِمُوا الأَتُونَ سَبْعَةَ أَضْعَافٍ عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ الْعَادَةُ. 20 وَطَلَبَ مِنْ بَعْضِ رِجَالِ جَيْشِهِ الشُّجْعَانِ أَنْ يُوْثِقُوا شَدْرَخَ وَمِيشَخَ وَعَبْدَنَغُو وَيَطْرَحُوهُمْ فِي أَتُونِ النَّارِ الْمُتَّقِدَةِ. 21 حِينَئِذٍ أُوْثِقَ الرِّجَالُ بِمَا عَلَيْهِمْ مِنْ ثِيَابٍ وَسَرَاوِيلَ وَأَقْمِصَةٍ وَأَرْدِيَةٍ، وَطُرِحُوا فِي وَسَطِ أَتُونِ النَّارِ الْمُتَّقِدَةِ. 22 وَإِذْ كَانَ أَمْرُ الْمَلِكِ صَارِماً وَالأَتُونُ قَدْ أُضْرِمَ أَشَدَّ إِضْرَامٍ، فَإِنَّ لَهِيبَ النَّارِ أَحْرَقَ الرِّجَالَ الَّذِينَ حَمَلُوا شَدْرَخَ وَمِيشَخَ وَعَبْدَنَغُو، وَطَرَحُوهُمْ فِي النَّارِ. 23 فَسَقَطَ هَؤُلاءِ الرِّجَالُ الثَّلاثَةُ مُوْثَقِينَ وَسَطَ أَتُونِ النَّارِ الْمُتَّقِدَةِ.

24 وَمَا لَبِثَتِ الْحَيْرَةُ أَنِ اعْتَرَتْ نَبُوخَذْنَصَّرَ، فَهَبَّ مُسْرِعاً وَقَالَ لِمُشِيرِيهِ: «أَلَمْ نَطْرَحْ ثَلاثَةَ رِجَالٍ مُوْثَقِينَ فِي وَسَطِ النَّارِ؟» فَأَجَابُوا: «صَحِيحٌ أَيُّهَا الْمَلِكُ». 25 فَقَالَ: «إِنِّي أَرَى أَرْبَعَةَ رِجَالٍ طَلِيقِينَ يَتَمَشَّوْنَ فِي وَسَطِ النَّارِ، لَمْ يَنَلْهُمْ أَذىً، وَمَنْظَرُ الرَّابِعِ شَبِيهٌ بِابْنِ الآلِهَةِ».

26 ثُمَّ دَنَا نَبُوخَذْنَصَّرُ مِنْ بَابِ الأَتُونِ الْمُتَّقِدِ بِالنَّارِ وَهَتَفَ: «يَا شَدْرَخُ وَمِيشَخُ وَعَبْدَنَغُو يَا عَبِيدَ اللهِ الْعَلِيِّ، اخْرُجُوا وَتَعَالَوْا». فَخَرَجَ شَدْرَخُ وَمِيشَخُ وَعَبْدَنَغُو مِنْ وَسَطِ النَّارِ. 27 فَأَحَاطَ الأَقْطَابُ وَالْوُلاةُ وَالْحُكَّامُ وَعُظَمَاءُ الدَّوْلَةِ بِهِمْ، فَوَجَدُوا أَنَّ النَّارَ لَمْ تُؤْذِ أَجْسَامَهُمْ، وَلَمْ تَحْتَرِقْ شَعْرَةٌ مِنْ رُؤُوسِهِمْ، وَلَمْ تَشِطْ ثِيَابُهُمْ، وَلَمْ تَعْلَقْ بِهِمْ رَائِحَةُ النَّارِ. 28 فَقَالَ نَبُوخَذْنَصَّرُ: «تَبَارَكَ إِلَهُ شَدْرَخَ وَمِيشَخَ وَعَبْدَنَغُو الَّذِي أَرْسَلَ مَلاكَهُ وَأَنْقَذَ عَبِيدَهُ الَّذِينَ اتَّكَلُوا عَلَيْهِ وَخَالَفُوا أَمْرَ الْمَلِكِ وَبَذَلُوا أَجْسَادَهُمْ كَيْ لا يَعْبُدُوا أَوْ يَسْجُدُوا لإِلَهٍ غَيْرِ إِلَهِهِمْ. 29 لِهَذَا قَدْ صَدَرَ مِنِّي أَمْرٌ أَنَّ أَيَّ شَعْبٍ أَوْ أُمَّةٍ أَوْ قَوْمٍ مِنْ أَيِّ لِسَانٍ يَذُمُّونَ إِلَهَ شَدْرَخَ وَمِيشَخَ وَعَبْدَنَغُو، يُمَزَّقُونَ إِرْباً إِرْباً، وَتُصْبِحُ بُيُوتُهُمْ أَنْقَاضاً، إِذْ لَيْسَ هُنَاكَ إِلَهٌ آخَرُ يَقْدِرُ أَنْ يُنَجِّيَ مِثْلَهُ». 30 ثُمَّ رَفَعَ الْمَلِكُ مِنْ شَأْنِ شَدْرَخَ وَمِيشَخَ وَعَبْدَنَغُو فِي وِلايَةِ بَابِلَ.